هو صاحب المعادلة الأكثر غموضًا وغرابة في تاريخ الكرة المصرية.. وهي المعادلة التي تقول «كلما زاد مبغضوك.. زاد نجاحك».. هذه المعادلة هي اختصار للعلاقة العكسية بين معدلات الهجوم علي حسن شحاتة، المدير الفني للمنتخب الوطني الأول لكرة القدم، وإنجازاته غير المسبوقة. حسن شحاتة صنع لنفسه أسطورة من النجاحات المتوالية حتي بدا كصائد انتصارات.. يأتي بفرق مغمورة من غياهب مسابقات المظاليم إلي أضواء الممتاز.. ويمنح فرقًا متوسطة بطولات غير متوقعة.
وعندما اتهم بأنه فاز بكأس الأمم الأفريقية في القاهرة ٢٠٠٦ بفضل الجماهير ودعاء الوالدين وأولياء اللّه الصالحين، رد عليهم بعدها بعامين عندما فاز بأمم أفريقيا في غانا دون جماهير واكتسح في طريقه كل عمالقة القارة.
لكن ٢٠٠٨ كان عامًا سيئًا له فعلي الرغم من أنه استهله بكأس أفريقيا، فإنه واجه عواصف عاتية من جانب جماهير الأهلي بسبب ضمه عصام الحضري.. وزاد محللون ونقاد وخصوم من الهجوم عليه بسبب تردي نتائج المنتخب في تصفيات المونديال.
وعلت أصوات تطالب بإقالته بعد الهزيمة الودية بالأربعة أمام السودان.. لكن المعلم كعادته يطبق مبدأ «مالا يقتلني يجعلني أقوي» انتفض وضرب مهاجميه في مقتل بالفوز علي الكونغو وتصدر مجموعة مصر في التصفيات الأولي المؤهلة لمونديال جنوب أفريقيا.
حسن شحاتة يتحدث لـ «المصري اليوم» عن أعدائه ومعاركه وأزماته.. فإلي نص الحوار.
* لماذا قيل إن الفوز علي الكونغو أنقذ رأس حسن شحاتة؟
ـ لا أعلم.. ولا أخفي سرًا أنني أشعر مع كل مباراة بأن هناك من يتربص بي، وينتظر لي الخسارة حتي في المباريات الودية، لدرجة أن البعض داخل اتحاد الكرة وخارجه طالب برحيلي بعد الهزيمة من السودان علي غرار ما حدث مع الجوهري إثر هزيمة المنتخب من اليونان عقب بطولة كأس العالم ١٩٩٠، وتناسي الجميع ما حققه لمصر، وتجاهلوا أن المباراة كانت ودية واعتبروها فضيحة، لذلك جاء الفوز علي الكونغو بجدارة ليمنحنا الصدارة ويسكت المتربصين.
* لماذا تشعر دائمًا بالاضطهاد؟
ـ ليس مجرد شعور، وإنما حقائق ثابتة ومواقف مُعلَنة، وكلها للأسف يتعلق بشخصي كمدير فني للمنتخب، فهناك من يعاديني ويكرهني دون أي سبب، لأنني لا أبادر بالخطأ في حق أحد، وأشعر في معظم الأحيان بأن الكثيرين لا يريدون للمنتخب أي خير نكاية في حسن شحاتة.
* ربما يتعلق الأمر بتوتر علاقتك ببعض أعضاء الاتحاد وجمهور وإدارة الأهلي؟
ـ علاقتي بأعضاء اتحاد الكرة منذ العودة من غانا جيدة للغاية، خصوصًا سمير زاهر، رئيس الاتحاد، وأتعامل مع الاتحاد من منطلق أننا جميعًا في مركب واحد، وجميع المسؤولين يدركون الآن هذه الحقيقة. أما علاقتي بمجلس إدارة الأهلي طيبة، ومعظمهم زملاء ملعب.
* وجمهور الأهلي؟
ـ لا ذنب لي في توتر العلاقة بيننا.. والمشاكل جاءت بسبب قلة منهم فهموا الموقف في أزمة عصام الحضري بشكل خاطئ.. ويهمني هنا أن أعلن أنني تعاملت مع أزمة الحضري بحيادية، ومن منطلق أنه الحارس الأول في منتخب مصر ولا أحد يختلف علي أن المنتخب كان في حاجة ماسة إلي جهوده، لكنني لم أتدخل من قريب أو بعيد في موقف اللاعب، لأنني لا أعرف الألوان منذ كنت مدربًا لمنتخب الشباب.. وأظن هذا سبب نجاحي في عملي.
* نعود إلي مباراة السودان.. كيف مرت عليك ليلة الهزيمة؟
ـ أعتبر ليلة الهزيمة من السودان هي الأسوأ في حياتي، ومع احترامي الكامل للأشقاء في السودان، أدعو اللّه ألا يعيد هذه الهزيمة مرة ثانية.. والحمد للّه فربّ ضارة نافعة، لأننا بعدها حققنا الفوز علي الكونغو بسبب ما عشناه جميعًا ليلة اللقاء.. وكان واضحًا أن اللاعبين استوعبوا الدرس وأرادوا مصالحة أنفسهم قبل الجماهير والحفاظ علي إنجاز غانا.
* لماذا تفضل دائماً البعد عن الإعلام وعدم الرد علي خصومك؟
ـ الرد أسلوب لا يليق بي، لأنه وسيلة الضعفاء، وأنا لست ضعيفاً وأتعامل مع كل المواقف الإيجابية قبل السلبية من منطلق أن ردي لابد أن يكون عملياً من خلال تحقيق نتائج أكثر إيجابية والوصول إلي الأهداف المرجوة، ولو توقفت أمام كل من يهاجمني فلن أجد وقتاً للعمل وبناء منتخب قوي.
* بصراحة.. هل تشعر أن الأجواء تساعدك علي تحقيق حلم الوصول إلي كأس العالم ٢٠١٠ في جنوب أفريقيا؟
ـ لا أشغل بالي بالأجواء المحيطة بي، خصوصاً أنني اعتدت الهجوم، وأحاول دائماً أن أبعد باللاعبين عن هذا التوتر، وكل ما أسعي له هو أن أعود باللاعبين والجمهور إلي الروح التي حققنا بها بطولة الأمم الأفريقية الأخيرة في غانا، ولو نجحنا في استعادة هذه الحالة، فلن نجد أي صعوبة في تحقيق الهدف الأهم، لأن هذه الروح هي سلاحنا الذي سنواجه به أي فريق مهما كان اسمه دون أن نشعر بالفارق، ولا يجب أن ننسي أن الجيل الحالي هو الأفضل في تاريخ مصر وقريب من الوصول إلي المونديال.
* هناك من يري أن منتخب مصر لا يجيد إلا في البطولات المجمعة، بينما تنقص قوته في المباريات التي تقام علي فترات؟
ـ أنا شخصياً مقتنع بهذه النظرية بحكم التجارب، وأحاول تغيير هذا المفهوم لدي اللاعبين، وفي الوقت نفسه أسعي مع اتحاد الكرة للحصول علي فترات توقف كافية قبل المباريات الرسمية، بحيث لا تقل عن أسبوع، وبالمناسبة كان هذا أحد شروطي لتجديد عقدي مع اتحاد الكرة، وفسره البعض بأنه غرور أو محاولة من جانبي لوضع العراقيل.
* تحدثت كثيراً عن تجديد الدماء لكن ذلك غير ملموس، فهل يمكن القول بأن خامات اللاعبين المتوافرين حالياً في مصر لا تساعد؟
ـ بالعكس، أري أن الدوري المصري يضم لاعبين علي مستوي عالٍ، وفي كل تجمع أحاول ضم لاعبين جدد، لكن تجديد دماء أي فريق، خصوصاً المنتنخبات التي تتجمع علي فترات طويلة أحياناً لابد أن يجري بحساب وحذر شديدين لاختيار اللاعب الجاهز القادر علي تمثيل المنتخب، لأن الأمر في النهاية يختلف تماماً عن الأندية، مع الوضع في الاعتبار أن التغيير في الهيكل الأساسي يتم علي فترات طويلة، خصوصاً أن متوسط الأعمار لدينا ليس كبيراً، ويمكن لمعظم اللاعبين الموجودين في التشكيلة الحالية الاستمرار لسنوات طويلة.
* لكن معظم المنضمين الجدد يتحدثون عن شعورهم بأنهم ضيوف شرف؟
ـ أتعمد ذلك دون تقليل من اللاعبين لإزالة الرهبة لديهم ومنحهم فرصة معايشة الأجواء داخل المنتخب مع تحضيرهم علي المدي البعيد ليكونوا لاعبين دوليين.
* أنت متهم بمجاملة بعض اللاعبين وضمهم بصرف النظر عن مستواهم؟
ـ هذا اتهام باطل، وأعرف أنك تقصد عماد متعب، لكنني مازلت مقتنعاً بأن متعب أحد أفضل المهاجمين في القارة الأفريقية، وهو يقوم بدور لا يشعر به إلا المدرب أو المشاهد الواعي، بصرف النظر عن قلة الأهداف التي يسجلها للمنتخب، وأعتقد أنه كان في حاجة إلي تغيير الأجواء المحيطة به بدليل نجاحه السريع مع اتحاد جدة فور انضمامه إليه.
* وكيف تري تألق عمرو زكي مع فريقه ويجان في الدوري الإنجليزي؟
ـ عمرو أصبح إنساناً جديداً في كل شيء، وقد لمست أنه اختلف تماماً عما كان عليه قبل احترافه، وأتمني أن يكمل مسيرته بالنجاح نفسه، وأن يركز أكثر لينتقل إلي ناد أكبر في الدوري الإنجليزي لأنه يستحق ذلك.
* ألا تخشي عليه من أعراض الشهرة والنجومية والظهور إعلامياً؟
ـ عمرو لن يتغير في هذه النقطة تحديداً، فهو طوال عمره يسعي للتواجد في وسائل الإعلام، وأعتقد أنه يفعل ذلك الآن بفكر احترافي في ظل تعليمات الجهاز الفني لفريقه.
* تبدو متفائلاً بعد انتهاء أزمات بعض اللاعبين الأساسيين؟
ـ هذا صحيح، فقد عانينا كثيراً من انشغال اللاعبين بتلك المشاكل، لذلك كانت بدايتنا في تصفيات المونديال مهتزة أمام الكونغو ومالاوي، انتهاء المشاكل فرق مع اللاعبين أنفسهم، فلك أن تتخيل أن حسني عبدربه وعصام الحضري وعمرو زكي وهاني سعيد عاشوا في وقت واحد المشكلة نفسها، ولم يكن أي منهم يعلم ما سيؤول إليه مصيره.
* ما تفسيرك لاهتزاز مستوي أحمد حسن كابتن المنتخب منذ انتقاله إلي الأهلي؟
ـ ما يمر به أحمد حسن طبيعي لأنه يعيش تجربة جديدة عليه بعد فترة طويلة من الاحتراف، وأعتقد أنه يحتاج إلي وقت للتأقلم وإلي بعض الراحة وسيعود إلي مستواه العالي، لأنه لاعب تكتيكي ولا غني لأي فريق عنه.
* ما رأيك في خروج الزمالك من دوري أبطال أفريقيا؟
ـ الزمالك تنقصه الروح، لأن الفريق يضم لاعبين علي مستوي عال، وفي رأيي أن بعض اللاعبين يجب أن يتغيروا من داخلهم، وأن يشعروا بالحاجة إلي تحقيق الانتصارات، لأن الزمالك لن يتجاوز أزماته إلا إذا استطاع فريق الكرة أن يعود إلي عصر البطولات.
* يقال إنك مسنود بحكم علاقتك بنجلي الرئيس مبارك؟
ـ لا أنكر أن علاقتي بعلاء وجمال مبارك قوية، ولكن هذا بحكم منصبي كمدير فني، لأننا جميعاً في مهمة عمل لصالح مصر، وسبق لنجلي الرئيس أن ساندا الكابتن الجوهري والكابتن محسن صالح عندما كانا في منصبي نفسه.. وأتساءل هل كان في مقدور نجلي الرئيس أن يجبرا الرأي العام واتحاد الكرة علي إبقائي في تدريب منتخب مصر لو لم أحقق ما حققنا من نتائج.
ولا أنكر دور علاء وجمال مبارك معنا، وتكفي الاتصالات اليومية التي كانا يجريانها معنا للاطمئنان علي الفريق طوال فترات ما قبل وخلال بطولة الأمم، لكني في النهاية مستمر في منصبي بمجهودي وجهد زملائي أعضاء الجهاز، وقبله توفيق الله لنا في تحقيق الأهداف.
* ما الموقف الذي لن تنساه للرئيس مبارك؟
ـ زيارته معسكر الفريق دون ترتيب قبل مباراة الدور قبل النهائي لكأس الأمم ٢٠٠٦، وتحفيزه اللاعبين، ولن أنسي له أنه همس في أذني بعد المباراة النهائية عندما كان يسلمني الميدالية بقوله «ربنا نصرك يا حسن» فشعرت وقتها أن مصر كلها كانت خلفي وأن الجميع كان علي علم بما واجهنا من صعوبات.
* هل تابعت كارثة الانهيار الصخري في منطقة الدويقة؟
ـ أكيد.. وحزنت كثيراً وتألمت مثل كل المصريين لهذا الحادث المفجع، وفكرت كثيراً في أن أخاطب اتحاد الكرة لتنظيم مباراة لصالح شهداء الدويقة ولكن الأمر يتطلب دراسة وتخطيطاً للاتفاق علي مباراة دولية والحمد لله أننا كجهاز ولاعبين تعاملنا مع الحادث مثلما حدث في أزمة العبارة أثناء بطولة الأمم.
* ماذا يمثل لك رمضان؟
ـ اللحظة في رمضان لها وقع آخر علي كإنسان.. وأتمني أن أعيش طوال العام الحياة الروحانية التي أجدها في رمضان.
* أجبرتك الظروف علي قضاء أيام من رمضان في دول كثيرة.. فهل يختلف عن مصر؟
ـ بالفعل قضيت رمضان في دول مختلفة آخرها الكونغو، وبمنتهي الأمانة لم أجد حلاوة رمضان بعيداً عن مصر، لأنني أرتبط كثيراً بأداء صلاة التراويح في مسجد الحامدية الشاذلية.
* هل تتابع الدراما التليفزيونية في رمضان؟
ـ بحكم ارتباطي بالبيت في رمضان وغير رمضان، أنتهز الفرصة بعد صلاة التراويح لمتابعة بعض المسلسلات خصوصاً «الدالي» و«أسمهان» و«شرف فتح الباب» وبعض البرامج الدينية.
* ما المسلسل الذي أعجبك؟
ـ «الدالي» خصوصاً الجزء الأول منه.
* ولماذا أعجبك؟
ـ لأنه دفعني للتفكير والتساؤل: هل لايزال في مصر من يتعامل مع المافيا؟ وهل هناك من أبناء هذا الوطن من يعيش ليحقق المكاسب دون اعتبار لفضل البلد عليه.